كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية ستانفورد للطب عن وجود فروق جوهرية بين الجنسين في سلوك العطاء، حيث تبيّن أن النساء أكثر استعدادًا للتبرع بمبالغ كبيرة للأعمال الخيرية، كما يشاركن بنشاط أكبر في الأعمال التطوعية والمبادرات الإنسانية مقارنةً بالرجال.
الاختلافات الدماغية تفسّر سلوك العطاء
اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات التصوير الدماغي لأكثر من ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عامًا، والتي كشفت عن اختلافات واضحة في نشاط الدماغ بين الرجال والنساء. وأظهرت النتائج تباينًا في: آليات اتخاذ القرار، والاستجابة العاطفية، والقابلية للإصابة ببعض الأمراض.
وأوضح البروفيسور لاري كاهيل، أستاذ علم الأعصاب والسلوك في جامعة كاليفورنيا، أن هذه الاختلافات تعود إلى تباين البنية الدماغية بين الجنسين، مما يفسّر الاختلاف في السلوكيات الاجتماعية، وخاصةً فيما يتعلق بالكرم والتعاطف.
تجربة “لعبة الدكتاتور” تؤكد النتائج
لتعزيز مصداقية الدراسة، أجرى فريق من الاقتصاديين الإسبان تجربة سلوكية استمرت أربع سنوات باستخدام “لعبة الدكتاتور”، وهي أداة بحثية تقيس مدى الميل إلى العطاء. في هذه التجربة، مُنح المشاركون 10 يوروهات بشكل مفاجئ وطُلب منهم اختيار المبلغ الذي يرغبون في التبرع به لشخص غريب.
النتائج كانت لافتة: الرجال: الغالبية اختارت عدم التبرع بأي مبلغ، والنساء: تبرّعن بنحو نصف المبلغ (5 يوروهات) في المتوسط.
وأكدت الدكتورة مارينا بافان، الخبيرة الاقتصادية في جامعة جاومي، أن هذه النتائج لا تُظهر فقط أن النساء أكثر كرماً، بل تُثبت أيضًا أن أدمغتهن تستجيب بقوة أكبر لسلوك المشاركة والعطاء.
النساء أكثر التزامًا بالأعمال التطوعية
بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسات استقصائية أن النساء لا يكتفين بالتبرع بأموالهن، بل يُقدمن وقتهن وجهدهن بشكل أكبر في الأعمال التطوعية، مما يعكس ميلاً طبيعيًا لديهن نحو التعاون والمسؤولية الاجتماعية.
تُضيف هذه الدراسة دليلاً جديدًا على أن العوامل البيولوجية والاجتماعية تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل سلوكيات العطاء، مما قد يُسهم في تطوير استراتيجيات أكثر فاعلية لتعزيز العمل الخيري والتطوعي حول العالم.